fbpx

فن الستوري بورد (حلقة 1)

Facebook Twitter Google Plus Linkedin Instagram YouTube

لو أردنا الإختصار لقلنا كلمات أغنية أحمد مكي “الحاسة السابعة” كما هي: “كل المطلوب انك تعرف تحكى حدوتة ، من كان ياما كان لحد كلمة توتة توتة!”

كلمة السر هي “حكي الحدوتة”، ولكن دعونا نستعرض مقدمة طويلة نوعا ما!

ما هو الستوري بورد؟

الستوري بورد Storyboard هو نتاج عملية تحويل السيناريو المكتوب إلى صورة بصرية (ترجمة السيناريو من كلمات مكتوبة إلى صور مرئية) على هيئة مجموعة من الكادرات المتتابعة والمُرقّمة، وهي أحد أهم مراحل ما قبل الانتاج”preproduction”  في عمل الرسوم المتحركة، إن لم تكن أهم مرحلة على الإطلاق! حيث أنه خلال هذه المرحلة يتم وضع الخطة البصرية لتتابع اللقطات “shots” المكوّنة للعمل على الشاشة وهي الخطة التي يلتزم بها الجميع فيما بعد، المحركون ورسامو الخلفيات واللاي أوت والمُركّبون وقسم المونتاج، جميعهم سيستخدم الستوري بورد لإنجاز المهام المكلف بها في العمل، ولأن الستوري بورد يعتبر هو خطة العمل الرئيسية فلابد من الانتهاء من كافة التعديلات عليه واخراجه بشكل معتمد ونهائي أولا قبل أن يتم ارساله إلى الأقسام الأخرى، وجود خطأ واحد بالستوري بورد سينتج عنه مجموعة كبيرة من الأخطاء المتراكمة والتي سيكون اصلاحها عسيرا، التعديل على الستوري بورد بعد انتهاء العمل يحتاج إلى اعادة العمل بالكامل من جديد مرة أخرى! ومن هنا تأتي أهمية مرحلة الستوري بورد ويتضح مدى حساسيتها وتأثيرها على العمل ككل.

مراحل الستوري بورد

بعد كتابة السيناريو (وأحيانا بعد تسجيل تراك الصوت أيضا) يبدأ رسام الستوري بورد في تحويل السيناريو من صورته الحالية كنص مكتوب إلى صورة مرئية على هيئة كادرات متتابعة ومرقّمة وفقا لقواعد معيّنة، وأول صورة مرئية تبدأ عادة برسم كادرات صغيرة وسريعة جدا (كروكية) ويطلق عليها اسم thumbnail storyboard أو “الديكوباج” أو rough storyboard وتكون من البساطة بحيث أن إطار اللقطة في أغلب الأحيان يكون مرسوم بخط اليد والشخصيات مجرد أشكال بيضاوية أو خطوط بسيطة للغاية والكادر الواحد لا يستغرق رسمه أكثر من ثوان معدودة ، في هذه المرحلة يكون على رسام الستوري بورد وضع أفكاره سريعا على الورق ، يضع الكادرات واحدا تلو الآخر ويحاول أن يتخيل تتابع اللقطات على الشاشة ويكون من السهل عليه أن يحذف أو يعدل الستوري بورد بأكمله إن تطلب الأمر دون أن إهدار وقت أو مجهود .

الـ "ديكوباج" أو Thumbnail storyboard

بعد ذلك تأتي مرحلة رسم الستوري بورد بشكل أكثر دقة على ورق مطبوع storyboard sheet (أو رقميا باستخدام لوحات الرسم graphic tablets) داخل اطارات مستطيلة، ويتم كتابة وصف كل كادر ورقمه بشكل أكثر تنظيما من الصورة السابقة مع وضع رموز توضح حركة الكاميرا وحركة الشخصيات والمزج بين اللقطات، ولكن في النهاية يبقى الرسم عفويا أيضا وإن كان أكثر دقة ووضوحا (عادة لا يتم تحبير الستوري بورد مثلا أو تلوينه إلخ) ، وإذا تم رسم الستوري بورد بشكل نهائي كامل ففي هذه الحالة يطلق عليه اسم layout وهو أدق صورة ممكنة على الإطلاق لكادرات العمل.

تصميمات مختلفة لإطارات الستوري بورد

ما هو المطلوب من الستوري بورد؟

يمكن تلخيص دور رسام الستوري بورد في نقطتين أساسيتين :-

1- تكوين الكادر : ويشتمل على زاوية التصوير والتي تحدد المنظور الخاص بكل لقطة shot، ووضع العناصر داخل الكادر staging بما فى ذلك حجم ومكان كل عنصر وعلاقة العناصر ببعضها البعض داخل اللقطة الواحدة، لابد أيضا من توضيح حركة الشخصيات وانفعالها.

2- تتابع الكادرات : وهنا نأتي لنقطة في غاية الأهمية ، حيث أن الستوري بورد ليس مجرد رسم مجموعة من الكادرات (أو اللوحات) المنفصلة المنمقة رائعة التكوين، فلنعتبر أن كل كادر من كادرات الستوري بورد هو حرف أبجدي، ليس بالضرورة أن تقوم برسم كل حرف بشكل منمق على الورق لتكتب رواية عظيمة، المهم هل ستشكّل الحروف كلمات مفهومة؟ وهل الكلمات ستشكّل جُملا مفيدة؟ وهل الجُمل ستشكل فقرات ذات معنى؟

لابد وأن يحتوي الستوري بورد أيضا على وصف دقيق لحركة الكاميرا وطريقة المزج بين اللقطات.

ماهي المؤهلات التي يحتاجها رسام الستوري بورد؟

1- دراسة الإخراج السينمائي ، على الأقل المباديء الأساسية، في النهاية فأن التطور الطبيعي لرسام الستوري بورد هو أن يصبح مخرجا في يوم من الأيام .

2- مهارة (الحكيّ) إن صح التعبير، story telling (حكيّ الحدوتة!) ومن خلال الصور، أي القدرة على تجسيد القصة بشكل مرئي.

3- مهارة التصميم .. هل يمكنك تصميم كادر واضح قوي متوازن يجذب عين المشاهد، على الأقل يريحها ولا يزعجها؟

4- مهارات الرسم وتأتي من وجهة نظري في المرتبة الأخيرة بالرغم من أن التكوين الجيد يحتاج عادة إلى رسام جيّد، ولكن “ألفريد هتشكوك” مثلا كان رساما سيئا للغاية ولكنه كان يقوم برسم الستوري بورد الخاص بأفلامه! لأنه كان يركز بالتأكيد على التكوين وتتابع الكادرات وليس على مدى دقة وأناقة الرسم.

إذن كيف يمكن تقييم الستوري بورد؟

في اختبارات الستوري بورد يُطلَب من الرسام أن يقوم برسم مشهد واحد على الأقل مكوّن من عدة لقطات، ويتم النظر إلى تكوين الكادر (وليس إلى مدى الحرفية أو الدقة في رسمه) حتى وإن كان مجرد اشكال بسيطة جدا، فطالما استطاعت هذه الأشكال البسيطة أن تشرح لنا التكوين والمنظور وحجم كل عنصر بالكادر وحركة الكاميرا والشخصيات فهذا هو المطلوب بالضبط، وينظر أيضا لتتابع الكادرات، هل وقع الرسام في أخطاء إخراجية؟ هل تتابع الكادرات سلس ومريح للعين إذا ما تم عرض هذه اللقطات بتتابعها الحالي على الشاشة؟ هل تكوين الكادرات وتتابعها معا استطاعا أن يقدما لنا الصورة المرئية من المشهد المكتوب بشكل واضح ومفهوم (على الأقل) للمُشاهِد إن لم يكن جذابا وشيّقا ومبتكرا؟

ما هو مصير الستوري بورد في النهاية ؟

الستوري بورد لا يتم عرضه على المُشاهِد في النهاية، ومصيره في الغالب سيكون سلة المهملات أو بأرشيف الشركة المنتجة للعمل!، ولا يتم عرضه أو طباعته أو تداوله إلا لأغراض تعليمية!، ويرجع هذا إلى طبيعة فن الستوري بورد في الأساس واختلافه عن فن مشابه إلى حد ما وهو القصص المصورة أو “الكوميكس”، حيث أن الستوري بورد موجه خصيصا إلى فريق عمل الرسوم المتحركة كخطة العمل المتفق عليها كما ذكرنا، وليس إلى القاريء العادي بغرض القراءة على عكس القصص المصورة.

ماذا عن رسّام الستوري بورد نفسه؟!

رسّام الستوري بورد الجيّد هو مشروع مخرج رسوم متحركة جيّد، هناك نوعان من مخرجي الرسوم المتحركة، المحرّك Animator والذي طوّر من نفسه ليصبح مخرجا، ورسام الستوري بورد، الأخير عادة هو الأعلى كفاءة لإنه يعتمد في حكي القصة على فن الستوري بورد، وهذا يضمن مستوى عالي جدا اخراجيا لأعماله على عكس مخرج الرسوم المتحركة الذي كان محرّكا، وهو عادة ما يهتم بالإخراج الحركي للمشاهد على حساب الكثير من الجوانب الإخراجية الأخرى فيما يتعلق بتتابع اللقطات تحديدا.

 

في الحلقات القادمة سنتناول فن الستوي بورد بشكل أكثر تفصيلا وسنتطرق بالضرورة إلى قواعد الإخراج والتصوير السينمائي.

8 thoughts on “فن الستوري بورد (حلقة 1)

Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *